أخباراستثمار وتأمين

الحكومة تفرض رسوم وقائية على واردات الحديد الصاج لحماية الصناعة المحلية

في خطوة جديدة تستهدف حماية الصناعة الوطنية من الممارسات التجارية الضارة، أعلنت الحكومة المصرية عن فرض رسوم وقائية مؤقتة على واردات الحديد الصاج بمختلف أنواعه، بنسب تتراوح بين 4.5% و13.5%، وذلك لمدة مؤقتة تمتد لـ200 يوم. القرار الذي يأتي بعد شكاوى من منتجين محليين بشأن تعرضهم لخسائر بسبب الإغراق، يثير جدلًا واسعًا بين مؤيد يرى فيه حماية للصناعة الوطنية، ومعارض يعتبره تهديدًا للصناعات الهندسية والمستهلك المصري على حد سواء.

خلفية القرار

بحسب وثيقة رسمية، تقدم عدد من المصنعين المحليين في وقت سابق من العام الجاري بشكاوى ضد إغراق السوق بمنتجات الحديد الصاج المستورد، حيث أكدوا أن الأسعار المنخفضة نسبيًا لهذه الواردات أضرت بقدرتهم التنافسية وأدت إلى خسائر مالية كبيرة.

على إثر ذلك، شكلت وزارة الاستثمار والتجارة الداخلية لجنة استشارية للتحقيق في الممارسات الضارة، والتي أوصت بفرض رسوم وقائية مؤقتة على واردات الصاج المدرفل على الساخن (HRC) بنسبة 13.6% لمدة 200 يوم، إلى جانب رسوم متفاوتة على بقية الأنواع.

تفاصيل الرسوم المفروضة

وفقًا للوثيقة الحكومية، شملت القرارات ما يلي:

  • الصاج المدرفل على الساخن (HRC): فرض رسوم بنسبة 13.6% لمدة 200 يوم.

  • الصاج المدرفل على البارد (CRC): رسوم بنسبة 11% أو 4100 جنيه كحد أدنى للطن.

  • الصاج المجلفن (HDG): رسوم بنسبة 12% أو 4812 جنيهًا كحد أدنى للطن.

  • الصاج الملون: رسوم بنسبة 5% أو 2600 جنيه كحد أدنى للطن.

هذه الرسوم تستهدف إعادة التوازن إلى السوق المحلي، حيث تسيطر شركات مثل حديد عز وقنديل للصلب على إنتاج لفائف الصاج، لكنهما يواجهان منافسة قوية من الواردات الأجنبية منخفضة الأسعار.

الصناعات المتأثرة

تدخل مسطحات الصلب في صناعات واسعة تشمل:

  • معدات الحفر والبنية التحتية.

  • مشروعات الطاقة النووية.

  • صناعة المواسير والأسطوانات.

  • صناعة السيارات والسفن.

  • الأجهزة المنزلية مثل الغسالات والبوتوجازات.

وتمثل مجموعة حديد عز المنتج الوحيد للصاج الساخن بطاقة إنتاجية تصل إلى مليوني طن سنويًا، فيما يبلغ متوسط الاستهلاك المحلي نحو 1.6 مليون طن، وهو ما يفتح الباب لزيادة الصادرات مستقبلًا. أما شركة قنديل للصلب، فتتخصص في إنتاج الصاج البارد والمجلفن الذي يدخل في الصناعات الكهربائية والمنزلية.

جدل بين الصناع والمستهلك

أثار القرار ردود فعل متباينة في السوق. فبينما يرى البعض أن الرسوم ستحمي الصناعة المحلية، يرى آخرون أنها ستضر بالقطاع الصناعي الأوسع.

وجهة نظر المعارضين

أحد المصادر المطلعة أكد لـ«الشروق» أن هذه الرسوم قد تؤثر سلبًا على صناعات مثل الأجهزة الكهربائية، موضحًا أن المصانع كانت تستورد الصاج بأسعار أقل بنسبة 15% مقارنة بالمنتج المحلي، وبجودة أعلى. وأضاف أن القرار قد يؤدي إلى تعزيز الممارسات الاحتكارية ورفع الأسعار دون مبرر، ما يضر بالمستهلك النهائي.

وجهة نظر المؤيدين

من جانبه، قال محمد حنفي، المدير التنفيذي لغرفة الصناعات المعدنية، إن المصانع المحلية تعرضت لخسائر كبيرة بسبب صعوبة منافسة الواردات، مشيرًا إلى أن الهدف من الرسوم هو حماية المنتج الوطني وزيادة الاستثمارات. وأوضح أن الرسوم مؤقتة ولن تؤثر بشكل كبير على أسعار الأجهزة المنزلية، حيث تمثل لفائف الصاج مكونًا صغيرًا في التكلفة الكلية للمنتج.

تأثير على السوق والأسعار

يرى خبراء الاقتصاد أن تأثير الرسوم على أسعار المنتجات النهائية سيعتمد على عدة عوامل، أبرزها:

  • سعر الدولار الذي انخفض مؤخرًا إلى أقل من 48 جنيهًا، ما يقلل من تكلفة الاستيراد.

  • تكلفة الإنتاج المحلية التي قد تشهد استقرارًا بفضل الرسوم الوقائية.

  • العرض والطلب في السوق المصري الذي يستهلك نحو 1.6 مليون طن من الصاج سنويًا.

بالتالي، قد يقتصر أثر الرسوم على بعض الصناعات الهندسية الثقيلة، بينما يظل التأثير محدودًا على المستهلكين في المدى القصير.

الأبعاد الاقتصادية

القرار يعكس توجه الحكومة لحماية الصناعات الاستراتيجية، خاصة مع تزايد المنافسة العالمية في قطاع الحديد والصلب. كما أنه يتماشى مع سياسات حماية الاقتصاد الوطني ودعم رؤية مصر 2030 التي تركز على تعزيز التصنيع المحلي وتوفير فرص عمل جديدة.

فرض رسوم وقائية على واردات الحديد الصاج خطوة تحمل أبعادًا مزدوجة؛ فهي من ناحية حماية حيوية للصناعة المحلية ودعم للمصنعين المصريين ضد ممارسات الإغراق، ومن ناحية أخرى تثير مخاوف الصناعات الهندسية والمستهلكين من احتمالية ارتفاع الأسعار وتقليص المنافسة. وبين هذا وذاك، يبقى الرهان على قدرة الحكومة على تحقيق التوازن بين حماية المنتج المحلي وضمان عدم إرهاق المستهلك في ظل التحديات الاقتصادية الراهنة.

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

زر الذهاب إلى الأعلى