الناخبون في سويسرا يرفضون بأغلبية ساحقة فرض ضريبة ميراث بنسبة 50% على الأثرياء

رفض الناخبون في سويسرا، اليوم الأحد، بأغلبية ساحقة مقترحًا بفرض ضريبة ميراث بنسبة 50% على كبار الأثرياء، في استفتاء وُصف بأنه من أكثر الاستفتاءات إثارة للجدل في تاريخ البلاد السياسي الحديث، وجاء في وقت تتزايد فيه الضغوط العالمية لإيجاد آليات عادلة لفرض ضرائب على أصحاب الثروات الكبيرة.

ووفقًا للنتائج، صوّت أكثر من 80% ضد المبادرة، فيما بلغت نسبة المشاركة نحو 42% من الناخبين بحلول عصر الأحد، بحسب ما نقلته صحيفة فاينانشال تايمز. وكان معارضو الإجراء يخشون من أن يؤدي قبول المقترح إلى فتح الباب أمام مقترحات ضريبية مشابهة في المستقبل.

مبادرة غير مسبوقة… ومخاوف من هروب رؤوس الأموال

المبادرة، التي تقدم بها حزب الشباب الاشتراكي اليساري، كانت تستهدف فرض ضريبة اتحادية على الميراث والهدايا بنسبة 50% على التركات التي تتجاوز 50 مليون فرنك سويسري، وهو ما يمثل تحولاً جذريًا عن السياسة السويسرية التقليدية التي تعتمد على ضرائب منخفضة ولامركزية.

وكان من المقرر تخصيص العائدات لتمويل مشروعات متعلقة بمواجهة تغير المناخ.

الحكومة الفيدرالية تعارض وتحذر

عارضت الحكومة الفيدرالية المقترح بشدة، محذرة من أنه سيقوّض جاذبية سويسرا كوجهة عالمية مستقرة للثروات الدولية، خصوصًا وأن النسخة الأولى من المبادرة تضمنت بندًا رجعيًا أثار غضبًا واسعًا لدى مجموعات الأعمال ومحامي الضرائب قبل أن يتم تخفيفه لاحقًا.

كما أثار المقترح قلقًا كبيرًا بين أصحاب الثروات والمكاتب العائلية الثرية المقيمة في البلاد، إذ ذكرت تقارير أن بعضهم درس بالفعل خيار الانتقال إلى دول أخرى قبل موعد التصويت.

ردود فعل: “العقلانية السويسرية انتصرت”

قال فريدريك روشا، الشريك الإداري في بنك لومبارد أودييه، إن النتيجة تعكس أن “العقلانية السويسرية قد انتصرت”، مضيفًا:

“السويسريون يريدون سياسات مستقرة ويمكن التنبؤ بها.. ويرفضون الشعبوية التي تُحدث ضجيجًا بلا داعٍ”.

كما وصف فيليب تسوند، خبير الضرائب في شركة كيه بي إم جي، التصويت بأنه “تأكيد جديد على مكانة سويسرا كمركز أعمال مستقر”.

سباق عالمي بين جذب الأثرياء وفرض ضرائب عليهم

يأتي التصويت السويسري في وقت تختلف فيه سياسات الدول تجاه الأثرياء بشكل حاد:

• دول مثل دبي، أبوظبي، هونغ كونغ، وسنغافورة تواصل تقديم تسهيلات ضريبية لجذب المكاتب العائلية الثرية.

• إيطاليا، ورغم نجاحها في جذب الأثرياء بنظام الضريبة الموحدة، قررت رفع قيمة الضريبة بنسبة 50% ابتداءً من 2025.

• بريطانيا ألغت نظام “غير المقيمين” الذي كان يسمح لأصحاب الثروات بتجنّب ضريبة الدخل على الأرباح الخارجية.

• فرنسا رفض برلمانها مقترحين لفرض ضرائب إضافية على كبار الأغنياء خلال أكتوبر الماضي.

وأكد محامون سويسريون أن المقترح أثّر بالفعل على قدرة البلاد في جذب الأثرياء الفارين من النظام الضريبي البريطاني الجديد، ما دفع كثيرين إلى اختيار إيطاليا بدلًا من سويسرا.