لماذا خفض الفيدرالي الأمريكي أسعار الفائدة 25 نقطة أساس؟

خفض بنك الاحتياطي الفيدرالي الأمريكي، اليوم الأربعاء، أسعار الفائدة بمقدار 25 نقطة أساس للمرة الثانية خلال أسابيع، في خطوة تهدف إلى دعم النمو الاقتصادي وسط تباطؤ سوق العمل وارتفاع نسبي في معدلات التضخم.
وجاء القرار بعد تصويت اللجنة الفيدرالية للسوق المفتوحة، التي وافقت بأغلبية 10 أصوات مقابل صوتين على خفض سعر الفائدة المرجعي إلى نطاق يتراوح بين 3.75% و4%، وهو أدنى مستوى منذ بداية عام 2023.
أسباب خفض الفائدة
أوضح الفيدرالي في بيانه أن القرار جاء نتيجة تباطؤ نمو الوظائف وارتفاع طفيف في معدلات البطالة خلال الأشهر الأخيرة، ما يعكس مؤشرات على تراجع النشاط الاقتصادي في بعض القطاعات.
وأشار البيان إلى أن التضخم ما زال مرتفعاً نسبياً مقارنة ببداية العام، لكنه يواصل الانخفاض التدريجي نحو المستوى المستهدف البالغ 2%، وهو ما دفع البنك إلى تخفيف السياسة النقدية للحفاظ على توازن بين النمو وكبح الأسعار.
كما أكد الفيدرالي أن النشاط الاقتصادي في الولايات المتحدة يواصل التوسع بوتيرة معتدلة، رغم التحديات العالمية، مضيفاً أن مخاطر التراجع في التوظيف ازدادت خلال الأشهر الأخيرة نتيجة ضعف الإنفاق الاستهلاكي والاستثمارات الخاصة.
خلاف داخل مجلس الفيدرالي
لم يخلُ القرار من انقسام في آراء أعضاء المجلس؛ إذ صوّت عضو مجلس المحافظين ستيفن ميران ضد القرار مفضلاً خفض الفائدة بمقدار نصف نقطة مئوية، بينما اعترض رئيس بنك الاحتياطي الفيدرالي في كانساس سيتي جيف شمد مطالباً بالإبقاء على الفائدة دون تغيير.
وقف تقليص الحيازات
وفي خطوة موازية، أعلن الاحتياطي الفيدرالي أنه سينهي خفض حيازاته من الأوراق المالية اعتباراً من الأول من ديسمبر المقبل، بعد أن خفّض وتيرة التقليص في وقت سابق من العام الجاري.
وأوضح البنك أنه سيبدأ إعادة استثمار ديون الوكالات المستحقة في أذون الخزانة الأمريكية، ضمن مساعيه لتثبيت أوضاع الأسواق المالية والحفاظ على استقرار السيولة.
تأثير القرار على الأسواق العالمية
أدى قرار الفيدرالي إلى تحركات فورية في أسواق المال العالمية، حيث خفضت عدد من البنوك المركزية الخليجية أسعار الفائدة تماشياً مع القرار الأمريكي، شملت مصرف الإمارات المركزي ومصرف قطر المركزي ومصرف البحرين المركزي، في محاولة للحفاظ على استقرار العملات المرتبطة بالدولار الأمريكي.
ويرى محللون أن خفض الفائدة الأمريكية قد يخفف الضغوط على الاقتصادات الناشئة، ويمنح الأسواق العالمية دفعة جديدة، لكنه في الوقت ذاته يثير مخاوف بشأن احتمال عودة التضخم في حال استمر التيسير النقدي لفترة طويلة.
ما المتوقع في الفترة المقبلة؟
يتوقع خبراء الاقتصاد أن يواصل الفيدرالي نهجه الحذر خلال الاجتماعات القادمة، مع مراقبة دقيقة لتطورات التضخم وسوق العمل، مشيرين إلى أن أي خطوات جديدة لخفض الفائدة ستكون مرتبطة بمدى تحسن مؤشرات الأسعار وثقة المستهلكين.
وبذلك يكون الفيدرالي قد بدأ مرحلة جديدة من السياسة النقدية التيسيرية بعد أكثر من عام من التشديد المتواصل، في محاولة لتحقيق توازن دقيق بين دعم النمو والسيطرة على التضخم، وسط توقعات بأن تظل أسعار الفائدة قريبة من 4% حتى منتصف 2026 إذا استقر الاقتصاد الأمريكي على هذا المسار.



